يداعب مطر نيسان الأمل وينعش الوجدان بالمثل: » شتوة نيسان بتيحي الإنسان » والتدبر في العديد من الصور الجمالية مع بداية فصل الربيع (21/3) وملاحظة البعد الجمالي الذي مر مسرعا لتفتح البراعم وظهور الأغصان، الأوراق، الأزهار ومن ثم العقد واختباء مكونات الأشجار معا من خلال اللون الأخضر.
منظر المطر في نيسان يجدد الذاكرة بالعديد من الصور الجميلة والتي كانت وما تزال في البال من » حواكير » عمّان وسائر أنحائها وجوارها حين كان المطر يبلل أوراق شجر العنب وننتظر موسم الثمر بكل ما يشكله من فرح وطعم حلو ولون جميل.
كنا نشهد فترة ما بعد المطر ومنظر الشعانين والاستعداد لعيد الفصح المجيد وتلك الاستعدادات البهية لمظاهر استقبال أهل القدس للسيد المسيح ومعنى عيد الفصح بتجلياته وقدسيته والفرح الغائب غن فلسطين وغزة والعالم جراء المذابح والإبادة الإسرائيلية وماكينة القتل الوحشية على وجه المعمورة.
في فلسطين وسائرها وجوارها ومع كل قطرة مطر نيسان، ثمة قطرة دمعة محملة بالذكريات مع جذور التربة الفلسطينية التي تشبعت خضابها بدماء الشهداء ونزيف المصابين وبراعم الأمل، سوف تكبر وتقاوم وتصمد في وجه العدوان.
عالم الزراعة والتفاصيل من فسيولوجيا النبات فيه الكثير من العلم والتفسير لنمو النبات وآلية انتقال الهرمونات وكيفية الخطوات من مرحلة لأخرى بقدرة الخالق المصور، وكم نحتاج للتدبر في فترة بداية الربيع وحتى الصيف والثمر وملاحقة الصور الجميلة ومرافقة الطيور والحشرات للنبات بعلاقة مميزة وجميلة.
ما تزال تلك الدالية العمّانية والسلطية وسائر الداليات في رحاب الوطن شاهدة على حوارنا البهي المفعم بالوطنية وحب الأردن الغالي مرتدية لون علمنا (أبيض، أسود، أحمر، أخضر) ومنتظرة معنا قدوم الثمر طازجا شهيا حلوا شهدا.
يبلل مطر نيسان ذاكرتنا الوطنية بكل جهد يبذل من أجل العطاء والبناء، ينعش الفؤاد بتأسيس الأمن العام منذ (104) ومنذ عهد حماية المواطن العزيز وبناء الدولة و العلم الخفاق في رباها يعلو معه الحق ويزين يومنا حين نرفع ونردد مع الصباح نشيده الخالد.
مع عطر الوطن المفعم بكل عبير المجد والفخر والعزة، تحملنا الغبطة إلى مواسم الأردن ومراحله وثماره اليانعة وحصاده الخصب وإلى ركن من رحابه الشامخة لنهتف معا: عشت يا أردن الخير.
منذ أن غسل مطر نيسان الأجواء والحديث هذا الدفق من السخاء الرباني والحكمة، يجعلنا نمد الراحتين ونبتهل: اللهم احفظ لنا نعمك وفضلك وكرمك علينا وارحمنا برحمتك با أرحم الراحمين وبارك لنا فيما أعطيتنا ووهبتنا.
ما تزال دالية «أم خليل » قوية حتى الآن، انتقلت صاحبتها إلى دار الحق ويعتني جميع أحفادها بالدالية والعريشة والجلوس تحتها والشمس وتبادل الحوار وتذوق حباتها وقد نقطت شهدا لا غير.
مطر نيسان غسل وأنعش ذاكرتنا الوطنية ؛ هذا الوطن يستحق منا الكثير من الشوق والجهد والدفاع والاستقامة والاخلاص والانتماء والوفاء والتقدير، ولن يكون مطر نيسان سوى قطرة خير نجمعها ونكون منها بئرا ارتوازيا من مشاعرنا الوطنية الخالدة.
يحمل نيسان في طياته الكثير، والحديث متصل ومتواصل ؛ ثمة ما يستحق ذلك الفضل الجميل والنطق الصريح.